تفسير ابن كثر - سورة الكهف - آیت 50

پرنٹ اور محفوظ کرنے کے آپشن

صفحہ ورڈ فارمیٹ میں محفوظ کریںصفحہ نوٹ پیڈ یا ٹیکسٹ فائل میں محفوظ کریںصفحہ html میں محفوظ کریںپرنٹ کریں
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (50) (الكهف) mp3
يَقُول تَعَالَى مُنَبِّهًا بَنِي آدَم عَلَى عَدَاوَة إِبْلِيس لَهُمْ وَلِأَبِيهِمْ مِنْ قَبْلهمْ وَمُقْرِعًا لِمَنْ اِتَّبَعَهُ مِنْهُمْ وَخَالَفَ خَالِقه وَمَوْلَاهُ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَهُ وَابْتَدَأَهُ وَبِأَلْطَافِهِ رَزَقَهُ وَغَذَّاهُ ثُمَّ بَعْد هَذَا كُلّه وَالَى إِبْلِيس وَعَادَى اللَّه فَقَالَ تَعَالَى " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ " أَيْ لِجَمِيعِ الْمَلَائِكَة كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيره فِي أَوَّل سُورَة الْبَقَرَة " اُسْجُدُوا لِآدَم " أَيْ سُجُود تَشْرِيف وَتَكْرِيم وَتَعْظِيم كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَإِذْ قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِق بَشَرًا مِنْ صَلْصَال مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون فَإِذَا سَوَّيْته وَنَفَخْت فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " وَقَوْله " فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيس كَانَ مِنْ الْجِنّ " أَيْ خَانَهُ أَصْله فَإِنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَارِج مِنْ نَار وَأَصْل خَلْق الْمَلَائِكَة مِنْ نُور كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " خُلِقَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ نُور وَخُلِقَ إِبْلِيس مِنْ مَارِج مِنْ نَار وَخُلِقَ آدَم مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ فَعِنْد الْحَاجَة نَضَحَ كُلّ وِعَاء بِمَا فِيهِ وَخَانَهُ الطَّبْع عِنْد الْحَاجَة وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَوَسَّمَ بِأَفْعَالِ الْمَلَائِكَة وَتَشَبَّهَ بِهِمْ وَتَعَبَّدَ وَتَنَسَّكَ فَلِهَذَا دَخَلَ فِي خِطَابهمْ وَعَصَى بِالْمُخَالَفَةِ " وَنَبَّهَ تَعَالَى هَاهُنَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْجِنّ أَيْ عَلَى أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ نَار كَمَا قَالَ " أَنَا خَيْر مِنْهُ خَلَقْتنِي مِنْ نَار وَخَلَقْته مِنْ طِين " قَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : مَا كَانَ إِبْلِيس مِنْ الْمَلَائِكَة طَرْفَة عَيْن قَطُّ وَإِنَّهُ لَأَصْل الْجِنّ كَمَا أَنَّ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام أَصْل الْبَشَر رَوَاهُ اِبْن جَرِير بِإِسْنَادٍ صَحِيح عَنْهُ وَقَالَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس : كَانَ إِبْلِيس مِنْ حَيّ مِنْ أَحْيَاء الْمَلَائِكَة يُقَال لَهُمْ الْجِنّ خُلِقُوا مِنْ نَار السَّمُوم مِنْ بَيْن الْمَلَائِكَة وَكَانَ اِسْمه الْحَارِث وَكَانَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّة وَخُلِقَتْ الْمَلَائِكَة مِنْ نُور غَيْر هَذَا الْحَيّ قَالَ : وَخُلِقَتْ الْجِنّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآن مِنْ مَارِج مِنْ نَار وَهُوَ لِسَان النَّار الَّذِي يَكُون فِي طَرَفهَا إِذَا اِلْتَهَبَتْ وَقَالَ الضَّحَّاك أَيْضًا عَنْ اِبْن عَبَّاس : كَانَ إِبْلِيس مِنْ أَشْرَف الْمَلَائِكَة وَأَكْرَمهمْ قَبِيلَة وَكَانَ خَازِنًا عَلَى الْجِنَان وَكَانَ لَهُ سُلْطَان السَّمَاء الدُّنْيَا وَسُلْطَان الْأَرْض وَكَانَ مِمَّا سَوَّلَتْ لَهُ نَفْسه مِنْ قَضَاء اللَّه أَنَّهُ رَأَى أَنَّ لَهُ بِذَلِكَ شَرَفًا عَلَى أَهْل السَّمَاء فَوَقَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي قَلْبه كِبْر لَا يَعْلَمهُ إِلَّا اللَّه وَاسْتَخْرَجَ اللَّه ذَلِكَ الْكِبْر مِنْهُ حِين أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ لِآدَم " فَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ " قَالَ اِبْن عَبَّاس قَوْله " كَانَ مِنْ الْجِنّ " أَيْ مِنْ خُزَّانِ الْجِنَان كَمَا يُقَال لِلرَّجُلِ مَكِّيّ وَمَدَنِيّ وَبَصْرِيّ وَكُوفِيّ وَقَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ اِبْن عَبَّاس نَحْو ذَلِكَ وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : هُوَ مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّة وَكَانَ يُدَبِّر أَمْر السَّمَاء الدُّنْيَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش عَنْ حَبِيب بْن أَبِي ثَابِت عَنْ سَعِيد بِهِ وَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب كَانَ رَئِيس مَلَائِكَة سَمَاء الدُّنْيَا وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق عَنْ خَلَّاد بْن عَطَاء عَنْ طَاوُس عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ إِبْلِيس قَبْل أَنْ يَرْكَب الْمَعْصِيَة مِنْ الْمَلَائِكَة اِسْمه عزازيل وَكَانَ مِنْ سُكَّان الْأَرْض وَكَانَ مِنْ أَشَدّ الْمَلَائِكَة اِجْتِهَادًا وَأَكْثَرهمْ عِلْمًا فَذَلِكَ دَعَاهُ إِلَى الْكِبْر وَكَانَ مِنْ حَيّ يُسَمَّوْنَ جِنًّا . وَقَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ صَالِح مَوْلَى التَّوْأَمَة وَشَرِيك بْن أَبِي نَمِر أَحَدهمَا أَوْ كِلَاهُمَا عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : إِنَّ مِنْ الْمَلَائِكَة قَبِيلَة مِنْ الْجِنّ وَكَانَ إِبْلِيس مِنْهَا وَكَانَ يَسُوس مَا بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض فَعَصَى فَسَخِطَ اللَّه عَلَيْهِ فَمَسَخَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا لَعَنَهُ اللَّه مَمْسُوخًا قَالَ : وَإِذَا كَانَتْ خَطِيئَة الرَّجُل فِي كِبْر فَلَا تَرْجُهُ وَإِذَا كَانَتْ فِي مَعْصِيَة فَارْجُهُ وَعَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر أَنَّهُ قَالَ : كَانَ مِنْ الْجَنَّانِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْجَنَّة وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا آثَار كَثِيرَة عَنْ السَّلَف وَغَالِبهَا مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات الَّتِي تُنْقَل لِيُنْظَر فِيهَا وَاَللَّه أَعْلَم بِحَالِ كَثِير مِنْهَا وَمِنْهَا مَا قَدْ يُقْطَع بِكَذِبِهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْحَقّ الَّذِي بِأَيْدِينَا وَفِي الْقُرْآن غُنْيَة عَنْ كُلّ مَا عَدَاهُ مِنْ الْأَخْبَار الْمُتَقَدِّمَة لِأَنَّهَا لَا تَكَاد تَخْلُو مِنْ تَبْدِيل وَزِيَادَة وَنُقْصَان وَقَدْ وُضِعَ فِيهَا أَشْيَاء كَثِيرَة وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ الْحُفَّاظ الْمُتْقِنِينَ الَّذِينَ يَنْفُونَ عَنْهَا تَحْرِيف الْغَالِينَ وَانْتِحَال الْمُبْطِلِينَ كَمَا لِهَذِهِ الْأُمَّة مِنْ الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء وَالسَّادَة وَالْأَتْقِيَاء وَالْبَرَرَة وَالنُّجَبَاء مِنْ الْجَهَابِذَة النُّقَّاد وَالْحُفَّاظ الْجِيَاد الَّذِينَ دَوَّنُوا الْحَدِيث وَحَرَّرُوهُ وَبَيَّنُوا صَحِيحه مِنْ حَسَنه مِنْ ضَعِيفه مِنْ مُنْكَره وَمَوْضُوعه وَمَتْرُوكه وَمَكْذُوبه وَعَرَّفُوا الْوَضَّاعِينَ وَالْكَذَّابِينَ وَالْمَجْهُولِينَ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ أَصْنَاف الرِّجَال كُلّ ذَلِكَ صِيَانَة لِلْجَنَابِ النَّبَوِيّ وَالْمَقَام الْمُحَمَّدِيّ خَاتَم الرُّسُل وَسَيِّد الْبَشَر صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْسَب إِلَيْهِ كَذِب أَوْ يُحَدَّثُ عَنْهُ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ فَرَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ وَجَعَلَ جَنَّات الْفِرْدَوْس مَأْوَاهُمْ وَقَدْ فَعَلَ وَقَوْله " فَفَسَقَ عَنْ أَمْر رَبّه " أَيْ فَخَرَجَ عَنْ طَاعَة اللَّه فَإِنَّ الْفِسْق هُوَ الْخُرُوج يُقَال فَسَقَتْ الرَّطْبَة إِذَا خَرَجَتْ مِنْ أَكْمَامهَا وَفَسَقَتْ الْفَأْرَة مِنْ جُحْرهَا إِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ لِلْعَيْثِ وَالْفَسَاد ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُقْرِعًا وَمُوَبِّخًا لِمَنْ اِتَّبَعَهُ وَأَطَاعَهُ " أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّته أَوْلِيَاء مِنْ دُونِي " الْآيَة أَيْ بَدَلًا عَنِّي وَلِهَذَا قَالَ " بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا " وَهَذَا الْمَقَام كَقَوْلِهِ بَعْد ذِكْر الْقِيَامَة وَأَهْوَالهَا وَمَصِير كُلّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ السُّعَدَاء وَالْأَشْقِيَاء فِي سُورَة يس " وَامْتَازُوا الْيَوْم أَيّهَا الْمُجْرِمُونَ - إِلَى قَوْله - أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

مختلف کتب

  • المسودة في أصول الفقه

    المسودة في أصول الفقه : تتابع على تصنيفه ثلاثة من أئمة آل تيمية: 1- مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر. 2- شهاب الدين أبو المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام. 3- شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام.

    مدقق/مراجع: محمد محيى الدين عبد الحميد

    مصدر: http://www.islamhouse.com/p/273062

    ڈاؤنلوڈ:

  • الضياء اللامع من الخطب الجوامع

    الضياء اللامع من الخطب الجوامع : مجموعة منتقاة من خطبة العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - يزيد عددها على مئة وربع المئة، وقد تم تقسيمها على تصنيفاتح حتى يسهل على الخطيب الاستفادة منها.

    ناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    مصدر: http://www.islamhouse.com/p/111042

    ڈاؤنلوڈ:

  • كيف تحفظ القرآن الكريم؟

    كيف تحفظ القرآن الكريم؟ رسالة لطيفة تشتمل على خلاصة تجارب للمتخصصين في القرآن، حفظاً وتجويداً وتطبيقاً، على من يريدون حفظ كتاب الله، بالإضافة إلى اشتمالها على موضوعات مهمة، كفضل تعلم القرآن وتعليمه، وشيئاً من آداب تلاوة القرآن القلبية والظاهرية، والتي كون العمل بها له أثر بإذن الله في خشوع القلب وخضوعه لله وتدبر كتابه والتفكر في معانيه.

    مصدر: http://www.islamhouse.com/p/66617

    ڈاؤنلوڈ:

  • وِرد الصباح والمساء من الكتاب والسنة

    وِرد الصباح والمساء من الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه أذكار الصباح والمساء أخذتها وأفردتها من «حصن المسلم»، وضبطتُّها بالشكل، وبيَّنت فيها فضل كلِّ ذكرٍ وتخريجه، وذكرتُ الألفاظ الخاصة بالمساء في هامش الصفحات».

    ناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    مصدر: http://www.islamhouse.com/p/269032

    ڈاؤنلوڈ:

  • تفسير السعدي [ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ]

    تفسير السعدي: في هذه الصفحة نسخة الكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والوصول إلى الآية من كتاب تفسير السعدي، وهو تفسير يعتني بإيضاح المعنى المقصود من الآية بعبارة واضحة مختصرة، مع ذكر ما تضمنته الآية من معنى أو حكم سواء من منطوقها أو مفهومها، دون استطراد أو ذكر قصص أو إسرائيليات، أو حكاية أقوال تخرج عن المقصود، أو ذكر أنواع الإعراب, إلا إذا توقَّف عليه المعنى، وقد اهتم بترسيخ العقيدة السَّلفيَّة، والتوجَّه إلى الله، واستنباط الأحكام الشرعية، والقواعد الأصولية، والفوائد الفقهية, والهدايات القرآنية إلى غير ذلك من الفوائد الأخرى والتي قد يستطرد أحياناً في ذكرها, ويهتم في تفسيره بآيات الصفات, فيفـسرها على عقيدة أهل السُّنَّة. • ونبشر الإخوة بوجود قراءة صوتية لهذا الكتاب النفيس - حصرياً لموقعنا - ورابطه: http://www.islamhouse.com/p/200110 • أيضاً تم ترجمة الكتاب إلى عدة لغات عالمية وقد أضفنا بعضاً منها.

    ناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    مصدر: http://www.islamhouse.com/p/2422

    ڈاؤنلوڈ:

سورۃ منتخب کریں

زبان کا انتخاب کریں